دور الأسرة في تطوير مهارات التفكير العليا
أثبتت الدراسات أن للسنوات الأربع الأولى من حياة الفرد ، ( فتح الله ، 2006 ) ، وهي بكل تأكيد ليس للمدرسة دور فيها ، أن لها دورا كبيرا وفعالا من خلال تشكيل الفرد جسمياً وفكريا وعقليا ، وكذالك اتجاهاته نحو الآخرين والكون . عادة في مجتمعاتنا يتم تشكيل الفرد جسمانياً من خلال الاهتمام الجيد بالتغذية والملبس والمسكن ، في حين تهمل الجوانب الأخرى كالتي تتعلق بالقيم والاتجاهات مع أن ديننا الحنيف يحث الأسرة على الاهتمام بكل الجوانب المكونة للفرد .
من هنا يجب التأكد أن على الأسرة تقديم الغذاء والمسكن والبيئة المادية المناسبة للفرد الصغير مع عدم إغفال الجانب المعنوي والاجتماعي وكذلك العاطفي . فما فائدة أن يكون الفرد قوي الجسم ولكنه غير قادر على معرفة السلوك الجيد من السيئ وعدم قدرته على التفريق بينهما . حيث أن تدري الفرد في إطار الأسرية ومنذ البداية على تفكير في المواقف أسبابها وتطويرها تعد من أساسيات الإيداع وما يسمى بالتفكير الإبداعي .
عملية التفكير الإبداعي تحتاج إلى أدوات مثل التجربة والاكتشاف والتطبيق وطرح الأسئلة وتعديل الأفكار ( سعادة 2003 ) . كل هذه الأدوات يجب على الأسرة المساعدة في تخزينها لدى الفرد منذ البداية قبل دخوله للمدرسة ، أختلف المفكرون في تعريف الإبداع الذي يسعى إليه الجميع. ولكني أرى نفسي قريباً من فكرة هاريس ( 2002 , Harris ) حيث أنه يرى أن الإيداع أكثر من مجرد قدرة حيث أنه اتجاه ونهج أيضاً . القدرة على التخيل وتوليد الأفكار والمرونة في وجهات النظر هو إبداع ، والقدرة على تقبيل الآخرين وعلى التغير والمرونة في وجهات النظر والاستماع للآخرين هو أيضاً إيداع . الاستمرار في تطوير الأفكار والوصول إلى حلول ونتائج من خلال تعديل وتنقيح الأفكار هو إبداع أيضاَ . والسؤال الآن : ألا تستطيع الأسرة أن تجعل أفرادها مهيئين للإيداع ؟
برأيي تستطيع الأسرة أن تهيئ أفرادها للإيداع كقدرة واتجاه ونهج حتى قبلا بلوغ الفرد سنته الرابعة . ومن أجل تحقيق ذلك هناك بعض النقاط الهامة :
* القدوة الواضحة :
وجود القدوة الواضحة في الأسرة أمر مهم ، حيث أن وجود نماذج مشجعة على التفكير والإبداع يساعد الفرد على تكوين اتجاهات للتفكير ، والقدوة تعتبر من أهم العوامل المساعدة في توجيه الفرد مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفرد يتأثر حتى بالأوضاع الخارجية قبل ولادته .
* الجو الأسري :
العلاقة بين الوالدين من جانب والعلاقات الأسرية مهمة أيضاً في تكوين الجو المناسب للتفكير ( النيري 2005 ) . وجود جو من المنافسة المثمرة وإبداء الرأي بين أفراد الأسرة ومشكلة الأبناء فيها وخاصة في المواضيع التي تخصهم تساعد تكوين القدرة على التفكير والإبداع .
* التوجيه المستمر :
التأكد من إعطاء التوجيه المستمر لأفراد الأسرة أمرٌ في غاية الأهمية . بهذه الطريقة يمكن التأكد أن خبرة الكبار تنعكس على الصغارمع التأكيد على أن يكون التوجيه إيجابياً ، حيث يمكن أن يكون ذلك في المشاركة في ألعاب الفرد وإهتماماته بصورة لا تسلبه إختياراته وتوجهاته .
* الحرية في إتخاذ القرارات :
إعطاء الأفراد مساحة كافية من الحرية مع إمكانية إتخاذ القرارات مع تقديم الإرشادات إذا لزم الأمر .
هناك أيضا طرق أخرى تساعد في تطوير التفكير لدى أفراد الأسرة والتي لا يتسع المجال هنا لذكرها سوف نتطرق إليها في مقال آخر .
إن الأسرة العمانية تطورت في مساعدة أفرادها على الإبداع . حيث أنها بدأت تعطي الجانب التفكيري والسلوكي والمعرفي إهتماماً أكثر بعد أن كانت تركزعلى إطعامه وتدليله بالمسكن والغذاء . هيا لندلل أطفالنا بالعلم والمهارات الإبداعية الجيدة.[1]
المراجع :
1- النيري ، أحمد بن نصار بن سالم (2005 ) : مدى استخدام معلمي التربية الإسلامية أساليب تنمية التفكير الإبداعي في التدريس بالحلقة الثانية من الثانية من التعليم الأساسي من وجهة نظر الشرفين . رسالة ماجستير غير منشورة – جامعة السلطان قابوس ، سلطنة عمان .
2- سعادة، جودة أحمد( 2003 ) : تدريس مهارات التفكير ( مع مئات الأمثلة التطبيقية ) عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع .
3- فتح الله ، مندور عبد السلام : مقترح لدور الأسرة في التنشئة العلمية ( 6/6/2006 ) موقع المنشاوي للدراسات والبحوث (1998-2005) www.minshawi.com
--------------------------------------------------------------------------------
خالد بن سالم بن سيف الجرداني - [1] رسالة التربية – العدد الثاني عشر – شعبان 1427 هـ ، سبتمبر 2006 م
|